الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
مسألة: في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه
قوله:
( ومحمد اسم> صلى الله عليه وسلم: حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رأس> خاتم النبيين وسيد المرسلين، لا يصح إيمان أحد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته، ولا يقضى بين الناس في يوم القيامة إلا بشفاعته، ولا يدخل الجنّة أمة إلا بعد دخول أمته، صاحب لواء الحمد، والمقام المحمود، والحوض المورود، وهو إمام النبيين وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم. )
شرح:
بعدما ذكر ما يتعلق بحق الرب سبحانه وتعالى، ذكر أيضًا حق النبي صلى الله عليه وسلم، فإن له حقا على أمته، حقا نعتقده فيه ، وحقا نعامله به ، ولكنه حق يناسبه صلى الله عليه وسلم، فحق الله تعالى يليق به، فلله حق وللنبي - صلى الله عليه وسلم - حق .
يقول ابن القيم: اسم>
للربّ حقٌ ليس يُشبه غيره | ولعبده حـقٌ همـا حقـان |
الأول: الذين جفوا في حقه ، لا يأخذون من سنته إلا ما يوافق أهواءهم، ولا يعملون من شريعته إلا بما يناسبهم، إذا جاءتهم السنة التي سنها نظروا؛ فإن ناسبتهم أو وافقت ميلهم صدقوها وقبلوها وعملوا بها وإلا نبذوها وطرحوها، فهؤلاء ما صدقوه حق التصديق، حيث إنهم قبلوا بعض الشريعة دون بعض، فأخذوا منها ما يناسب أهواءهم, وهذا حال من يسمون في هذه الأزمنة بالعلمانيين، فإنهم ولو تسموا بأنهم مسلمون وأتوا بالشهادتين ولكنهم لما طرحوا كثيرًا من السنة وتركوا العمل بها أصبحوا غير مصدقين حقًّا ، فعندما نجادل أحدهم نرى أنه شبه مكذب وإن كان مصدقًا بلسانه، ونقول له: إنك ما اتبعته حق الاتباع ، فإذا رأيناه مثلا يحلق لحيته قلنا له: أليس قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فيقول ما معناه: إنا نجاري الناس ونأخذ بما عليه أهل زماننا , أليس هذا عصيانًا لله ورسوله؟ , إذا عصيت الرسول فقد عصيت الله، والله تعالى يقول: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
الثاني: هم الغلاة: الذين غلوا في حق النبي صلى الله عليه وسلم حتى جعلوه إلهًا أو وصفوه بما لا يتصف به إلا الله تعالى، وما أكثر الكتب التي ألفت في مثل هذا، ومع ذلك انتشرت وتمكنت، وكثر الذين ينشرونها ويذيعونها، وفيها خرافات وأكاذيب ، ومع ذلك راجت على ضعفاء البصائر، حتى وقع في ذلك كثير من العلماء المشاهير, فمنها: (الخصائص الكبرى) للسيوطي اسم> ؛ ذكر فيها حكايات غريبة وقصصًا لا أصل لها كلها في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها بعيدة عن الثبوت لا يصدق بمثلها عاقل ، وقد اشتهر أن السيوطي اسم> ينقل عن غيره من غير تمحيص ، فهو كحاطب الليل يأخذ ما وجده - وإن كان من مشاهير العلماء - وهكذا الشعراني اسم> القديم له كتب في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وفيها مبالغة وغلو كبير ، وكذلك رسالة مشتهرة عند الخرافين واسمها روض الرياحين وفيها زيادة في الغلو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وإطرائه بما لا يليق أن يوصف به إلا الله سبحانه وتعالى , وتبعهم كثير من المتأخرين كالنبهاني اسم> وزيني دحلان اسم> وجميل صدقي الزهاوي اسم> وهكذا جدد هذا ابن علوي اسم> في كتابه الذي سماه (الذخائر) فإنه حشد فيه من هذه الحكايات، وإن كان قد عزاها إلى أصولها التي نقلها عنها، ولكن لم يميز بين الصحيح والضعيف، ولم يبين ضعفها، فدعا ذلك إلى تقبل الجهلة والعوام لها، مما يحمل العامة على الغلو والزيادة في الإطراء الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم, لا شك في أن هذا لا يجوز، وقد وردت الأدلة في النهي عن مثل هذا كقوله صلى الله عليه وسلم: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![رواه البخاري في أحاديث الأنبياء برقم (3445).](/site/books.png)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![رواه الإمام أحمد في مسنده (1/214، 224).](/site/books.png)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![رواه الإمام أحمد في مسنده (4/24، 25)، وأبو داود في الأدب برقم (4796).](/site/books.png)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![رواه ابن ماجه في الأطعمة برقم (3355).](/site/books.png)
![أورده ابن عدي في الكامل (5/334) في ترجمة عبد الحكم بن عبد الله القسملي، وهو منكر الحديث.](/site/books.png)
![رواه الحاكم في المستدرك (2/615)، وقال: صحيح الإسناد.. وتعقبه الذهبي بقوله: بل موضوع.](/site/books.png)
مسألة>